شباك

[شباك][twocolumns]

محمد زكريا يكتب: الغد المهزوم

فوتوغرافيا ـ عمر الطحان   


قلبي الليلة مثقل بهم لا أدريه. 

أهو برد الليل الطويل ووحدتي؟ أهو ذلك الغد المهزوم؟


فطويت وريقاتي، فما أردت أن أكتب هذا الكلام المحموم، وقذفت بقلمي بعيدًا، فرأسي خواء، وهذا القلم، أنه زائف، دسه علي وهم كبير، وصديق ممروض يحسب الكلام فنًا فيصيح "يا سلام."

وأين من قلبي السلام؛ وأنتِ تطوفين به كالقدر، والقصة حائرة بين شفتي لا أستطيع أن احكيها لأنه تافهه صغيرة. 

الكاتب محمد زكريا

وماذا في أننا التقينا بعد فرقة طويلة، لم أرك فيها؟ وماذا في أننا كنا وحيدين في الشارع الكبير، أنتِ تعرفين يا حبيبتي؛ لقد بكيتِ، وأنتِ لا تعرفينني إلا باكيًا أهذي، أستجدي العطف وبسمة المشفقين وخيالًا يقول لى "أنت فنان لإنك حزين، ولإنك تكتب هذا الكلام."

ولكنني أبكي، العجز يشل يدي، وحسرة تقتل قدرتي، وأنني لا أستطيع أن أكتب قصتي معك لأنها لا تصلح للمكافحين الذين يبنون الغد الجديد، ويعيشون في الحياة يكتبون عن الحياة...

أما قصتي معكِ، قصة ليست حياة لأنني أنا وأنتِ أساطير يخترعها وهم القاصين، ولكننا على الرغم من كل شئ التقينا، ولن أنسى لحظة أنَّ التقينا بعد عامين، واصطدمنا كغريبين، ونظر كل منّا إلى الآخر، ولم يبتسم، ولم يقل وجهنا شيئًا، فقد كنا غريبين وافترقنا كلٌ في طريقه، أنتِ إلى هنا، وأنا إلى هناك. بلا كلمة. بلا وداع. بلا أمل أن نلتقى بعد حين...

ويهزّ الزمان الخبير رأسه وعلى شفتيه بسمه ويقول "كبر الصغير، وتمرد على أقاصيص معلمه البدين؛ أنّ حواء بعيدة، وأنها حرام، وأن النار مأوى المحبين.

ويطرق الزمان العريق برأسه الكبير، ويتمتم لنفسه كلمات عجيبه ثم يقول: "أحب الفتى المسكين، ونسى أنه أسير، وأنه لكى يحب لا بد أن يقف لحظات، واللحظات ملكى أنا. أعطيته عامين من عمره حلم فيها بالغد وعاش فيها للغد، وجاء الفتى ليحلم اليوم بعد أن انقضت المهلة التي أعطيته، جاء يحلم بالأمس، وأين منه الأمس.

وأنا أكتب لكِ يا حبيبتي لأن عامًا جديدًا يقبل إلى عمري.

ألتقي فيه مع الزمن بعد أيامي الماضيات، ويهمس في أذني "كبرت"، وخطواتى قريبة من بعضها البعض، لا أحسها إلا حين تأتى هذه الليلة، وهى تزورني مرّة كل عام، بذكريات عمر مضى، وأحلام قديمة تطوف في قلبي، وورق أخرجه من درج مكتبي وأقلبه، وترتسم على فمي بسمة ساخرة حين اقرأ أنّات الصغير الذي كنت، وشكواه من أنه يحب، وأنه فنان، وأنكْ كبيرة لا تعرفين إلا الناضجين، ومن عاشوا في التجربة.

ما أقساك!

برواز

[برواز][bigposts]