شباك

[شباك][twocolumns]

القاهريون لا يعطون للبحر ظهورهم!

محيط كوبري ستانلي، الإسكندرية - تصوير كاتب النص    

عَبْر التاكسي المميز؛ بلونه الأصفر المزدحم بالسواد، تتجلى رمزية شوارع الإسكندرية. كان في الماضي يكسو تلك الرمزية رائحة اليود البحرية، التي كانت تملأ الرئة ببهائها النفَّاذ، لكن ما عاد للبحر رائحة، ما عاد للبحر صوت، أو تفاصيل الماضي. 

نص - أحمد الرومي

شيءٌ مَا في الأفق لم يعد يفصل البحر عن السماء!

هنا، تقف الكلمات تشاهد المارة وهم يجلسون على شاطئ البحر، وقد أعطوه ظهورهم، يتفرجون على السيارات وهى تسبح في نهر الطريق، وكأنهم في حالة جفاء مع البحر الذي لم يعد كما كانوا يحبونه .

القاهريون أمثالي لا يمكن أن يعطوا للبحر ظهورهم. هم جوعى، جوعى للون الزرقة بأصنافها، الزرقة البحرية والزرقة السمائية.



في مدينتي تتجلى الرمادية، أسمنتية، مزدحمة، تحجب عنك الرؤية، قد تتجلى مبانيها العتيقة مرتدية زخرفها، لكنها؛ ما هي إلا عملية خداع لحقيقة الأسمنتية التي يتستر خلفها العمران الباهي.

لا يمكن لقاهري مثلي أن يعطي البحر ظهره، مهما تغيّر وتبدل حاله. 

أنا ابن المدينة المختنقة، التي هي بلا أبواب أو شبابيك أو بلكونات. مدينة تتضور جوعاً للبراح. لذا، أحب الإسكندرية التي تشجع رئتي على التنفس. 


الإسكندرية - الصورة من pexels    


كم وددت أن أتقاعد من عملي الصحفي وأتفرغ للكتابة في حضن الإسكندرية، أعود لكتابة الشعر، واستكمال مشاريعي الروائية.

في القاهرة، لا أستطيع التنفس.

في الماضي كان في القاهرة متسع ومتنفس، رغم أنها كانت بلا بحر. رغم أنها ظلت بلا بحر. القاهرة في الماضي كانت هى البحر، بما تحمله من حركة ثقافية وأدبية، كانت حُبْلى بحراك يجري ويسري في مسامات المدينة بمتسع البصر. وعندما جف هذا المنهل أصبحت المدينة علبة سردين منتهية الصلاحية.


القاهرة - الصورة من pexels    


من أجل هذا كله أحب الإسكندرية. ولا يمكن أن أعطى فيها للبحر ظهري.

يوماً ما، سيكون لي بيت في الإسكندرية، ستكون لي مدينة ووطن، يوماً ما سأركب قارب الهجرة العكسية، بعيدًا عن المركزية الرمادية، سليلة البيروقراطية المقيته. 

فأنا في الإسكندرية لا يمكن أن أعطى ظهري للبحر.


الإسكندرية - الصورة من pexels   


برواز

[برواز][bigposts]