شباك

[شباك][twocolumns]

قصة | حفل على شرف الدُّمَى الشقراء


اليوم لم يكن عاديًا، إنها ليلة عيد، لا يهم ما هو العيد، لكن الأهم مظاهر الاحتفال، أخواتى الأكبر منّي علّقوا الزينة مع خدم القصر، رائحة خبز البسكويت تسيطر على أرجاء المكان كله، لكن؛ تلك هى الحياة، في وسط الفرح تجد الحزن.

 قصة - سمر الباز

نعم، أنا حزينة، فستاني الجديد - الذي جاء في طائرة باريس أمس - قصير وضيق للغاية، يكاد أن يعتصرني بداخله، كما يفعل الخلاط بعصير الجوافة، قلت بضجر لخادمتي "أريد أن أخرج مع أطفال العائلة الملكية بحديقة القصر الخلفية، ولم أجد ما يناسبني من ملابس تليق بي". 

ابتسمت الخادمة، ثم جلست على ركبتها لتكون في مستوى طولي وقالت بصوتٍ حنون: "لا تقلقي على مظهرك اليوم يا صغيرتى، اختك الأكبر منك، جائها فستان أصغر منها حجمًا، أعتقد أن هذا يناسبك". 

وبالفعل كان الفستان مقاسي كأنه صمم خصيصًا لي.

صنعت لي ضفيرة الشعر المعتادة، مع "توكة" الفراشة المفضلة لدي.

نزلت الحديقة بكامل أناقتي، أحافظ على هدوئي ورزانتي حتى لا يتسخ فستاني الجديد. رأيت عمي يحتضن ابنته بحب، وأمها تجري خلفها لكي تطعمها، والبنت تجري تختبئ بأبيها تقول في دلال: "لا أريد مربى التوت يا أبى"، ثم أمسكت في ظهره تغني "توووت توت قطر صغنتوت..." حتى تحرك القطار - أقصد الأب - تعالت ضحكات العائلة، فوجدت وجهي يضحك تلقائيًا.

قاطعني أخي برمي الكرة نحو رأسي، وقال من بعيد: "هيا، إنهم يوزعون الهدايا الآن".

تركت مشهد العائلة الدافئ وذهبت لأرى ما جلب لي عامة الشعب. لم أكن مهتمة بمعرفة ما يوجد داخل الهدايا؛ بقدر ما يدور بداخلي من أسئلة: لماذا لم يحباني أمي وأبي؟ ولماذا خُلقت مع مربية تحدد لي أوقات الطعام، وماذا آكل؟ لماذا لا يتوزع العدل على كل الناس بالتساوي؟ هل فعلت ذنب ما وأنا جنين في بطن أمي؟ هل أبي لا يحب خِلْفَة البنات؛ فتركني وسافر إلى بلاد بعيدة؟ وأمي لا تستطيع البُعد عنه فقررت أن تنهي حياتها وماتت؟

خبطني مرة أخرى ذلك المتشرد قائلًا: "خُذي هديتك افتحيها لنرى ما فيها". فتحت صندوق الهدايا وجدت دمية شقراء، لم أشعر بالدهشة، ففي كل عيد أحصل على دمية شقراء. 

أخي انتزعها بقوة من الصندوق ورماها في يدي قائلًا: "الآن أصبحتي امها، مبارك عليكِ".

نظرت لها، وكل نظرة تحمل كلمات لا يقدر لساني على نطقها.

أنا أمك؟!

حسنًا، سوف أعمل ليل نهار لشراء منزل نعيش فيه سويًا، وأغمرك كل ليلة بحضنٍ وسيل من القبلات، بدون مقابل، وسوف أقصّ عليكِ حكايات مثيرة قبل النوم، وأحبك لدرجة أني لن أتخل عنكِ، مهما كانت الظروف، أحبك يا ابنتي الصغيرة.

نسيت شيء مهم للغاية، سوف أوفر لكِ طعامًا جميلًا، وناكل بسكويت كل ليلة، وليس في الأعياد فقط.

جريت مسرعة مثل أرنب أكل فدان من الجَزَر، حتى وصلت لحديقة القصر الرئيسة، جلست بجانب أخواتي أمام مسرح خشبي أقيم اليوم خصيصًا للاحتفال، ظهرت مديرة الخدم ببدلة مزكرشة بالورود، وحذاء بكعبٍ مُدبب، مع صبغة تلطخ وجهها بمساحيق تجميل أشبه بـ "البلياتشو"، مُصطنعة الرقة.

بعد تنهيدة قالت: "مرحبًا بكم في دار البهجة، لاحتفالية عيد الأيتام".

نظرت لأخي وقولت: "ماذا تعني بـ "عيد الأيتام"؟".

برواز

[برواز][bigposts]