في رحاب نهايات الباشا
أن هذا الذي أمامك ليس إلا سقف بهو مدفن أسرة محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة، قطعة فنية بديعة، تتعانق فيها الألوان والخطوط في انسجام وهدوء، كما لو أنّها تقف ثابتة احترامًا لجلال وهيبة الموت.استوقفني هذا السقف الفني، رُغم أنّه تفصيلة صغير في مُجمّع مقابر ملكية كل ركن فيها يذخر بتفاصيل فنية؛ يكسوها التراب والغبار والظلام.
لم تعبأ تلك التفاصيل بكل هذا الإهمال، بل ظلت محتفظة بملوكيتها وجمالها، يخطف روحك جلال الموت ورائحته؛ التي تفوح من كل ركن، لكنك تشعر بسكينة الأموات في مراقدهم، فتدرك كم أن العزّ جميل.
مقابر الأسرة الملكية العلوية يعود تاريخها إلى سنة 1816، إذ بناها محمد على باشا لتكون مقابر الأسرة في مصر، ورغم ذلك لم يدفن بها، إذ استقر جثمانه فى قلعة صلاح الدين.
16 مقبرة ملكية، وعدد غير قليل من رفات أسرة محمد على باشا، يستقر جميعها تحت ثلاث قباب كبيرة الحجم، هذا السقف الذى فى الصورة هو للبهو الذي يؤدي بك إلى المستقر.
يغطي جنبات المقابر والشواهد زخارف مصنوعة بدقة، نقشت على الطراز الإسلامى، تمثل وحدة هندسية متكاملة. بعض المقابر مكتوب عليها أبيات من الشعر والمدح والرثاء، والبعض الآخر مكتوب فوقها سيرة صاحبها باللغة التركية، ويعلوها الطربوش التركي المميز باللونه الأحمر.
رُغم حقيقة أن الموت واحد، إلا أن المقابر في الإمام الشافعي تقول لك أنّ للموت ألف وجه. فمرقد الصدقة لا يشبة مرقد الملوك، وشواهد العلماء ليست كبعضها البعض. هناك الطبقية تتجلى أحيانًا، فترى بأم عينك كيف أنّ الجاه والمال يفرضان نفسيهما على المقبرة من الخارج. أمّا داخلها ـ ما هو تحت الأرض ـ لا يعلمه إلا الواحد الأحد.
تعليق و فوتوغرافيا ـ أحمد الرومي
Labels:
برواز