شباك

[شباك][twocolumns]

هنا الممر

أحب التصوير بالأبيض والأسود، فتضاد هذين اللونين يعطيان ثقلًا كبيرًا للصورة الملتقطة. الصورة التي أمامكم كانت في ممر أحد عمارات شارع شريف، بمنطقة وسط البلد ـ القاهرة، ولي معها قصة.
التصوير بالأبيض والأسود يُكسب الصورة غُموضًا ملحوظًا، يكتمل هذا الغموض إذا كان موضوع الصورة (محتوى الكادر) يحوي أيضًا شيئًا من الغموض، عندها تكتمل عناصر الصورة ويتسق المعنى مع المضمون.
منذ البداية كان قراري أن تكون هذه الصورة بالأبيض والأسود. خطوة الرجل ـ بطل الصورة ـ الوئيدة؛ مع ارتدائه جاكيت مصنوع من الجلد الأسود؛ بالتوازي مع ضيق الممر الذي يسير فيه، الذي يعطي شعورًا محيرًا ومريبًا، إذا ما قورن باتساع ورحابة الكادر في المنطقة الموجودة خلف الرجل.
أيضًا الخطوط التي يصنعها تعرّج أبوب المحال الصاجية، مع الخطوط التي تصنعها الفوارق الضعيفة بين البلاط في الأرض، بالتوازي مع الخطوط الطولية السوداء في نقشة البلاط، جميع تلك التفاصيل تعطي عمقًا وبُعدًا منظوريًا في الصورة. كل التفاصيل المرصودة ما كان لها إلا أن تُجمّد في لقطة بالأبيض والأسود، يؤكد فيها اللونين على كل تفصيلة حاضرة في مكوناتها.
ـ في رأيي ـ إنّ التصوير بالأبيض والأسود لا بد أن يكون اختيارًا وقرارًا منذ البداية، ولا يأتي "بلوى" ذراع الصورة، عن طريق تحويلها من الألوان إلى الأبيض والأسود بواسطة برامج تعديل الصور.
إنّ محاولة ليّ ذراع الصورة الملونة ـ لتصبح أبيض وأسود ـ يفقدها نقاوة وأصالة الصورة الملتقطة بالأبيض والأسود
منذ بالبداية
فالكاميرا (سواء كانت إحترافية أو كاميرا موبايل) حين تضبطها لالتقاط الصورة بالألوان، تسجل قيمًا لونية عديدة كما هو في الواقع، تلك القيم لا تعرف تدريجات الأبيض والأسود، وحين تحوّل الصورة الملونة إلى الأبيض والأسود، تصبح مشوهة إلى حد كبير وتتلف تفاصيلها. لكن إذا ما ضُبِطت الكاميرا من البداية على التقاط الصورة بالأبيض والأسود، تقرأ عدسة الكاميرا المشهد بقيم اللونين فقط، فيعطي هذا للصورة قراءة وتسجيل محتوى صحيح بجودة فنية محترمة.

فوتوغرافيا وتعليق ـ أحمد الرومي

برواز

[برواز][bigposts]