شباك

[شباك][twocolumns]

«coco» هل في السعي للخلود عزاء للنفس؟


اتفرجت على فيلم coco (أنيميشن)، ودي المرة التالتة اللي أشوفه فيها. الفيلم بيناقش - بساحرية شديدة - فكرة الذكرى، وانقطاع أثر الإنسان من الدنيا، وهى فكرة مهيبة جدًا بالنسبالي، الفيلم خلّاني أفكر فيها بوعي أكبر، بعد ما كنت مشغول بيها بشكل عفوي، بحوم حوليها كده من برّة.

يعني مثلًا فكرة أن الإنسان بيموت مرتين، مرّة لمّا روحه بتفارق جسده، والمرّة التانية لمّا ما حدش يفتكره في الدنيا، في الحالة دي فعلًا موته بيكتمل، حالة الغياب بتنضج. الإنسان حاول بشكل أو بأخر أنه يهزم الحالة دي (حالة نضج واكتمال الغياب) وفي ناس نجحت في ده.
من آلاف السنين فكرة الخلود شغلت الفراعنة، وهي فكرة متطورة وأكثر سمو وتحدي من فكرة البقاء بمعناها الجامد (أنك تقاوم الزمن وتقلباته ومخاطره من أجل الاستمرار على قيد الحياة).
الخلود، فكرة مغرية جدًا، خطط لها المصريين بالبناء الضخم المهيب، والتفنن في حفظ الجسد كدليل على أنهم كانوا هنا. ودا نوع من تحدي مفهوم «الغياب» نجحوا جدًا في خطتهم لحد دلوقتي.
طب هما عملوا دا، احنا بقي (كأشخاص) بنعمل أيه من أجل البقاء، بنعمل أيه من أجل الخلود؟
طب سؤال أبعد، هو خلود الأثر هيفيد الإنسان بأيه بعد ما يموت؟ ما هو مات خلاص.
في رأيي سعي الإنسان للخلود أو لإبقاء أثره وأنه ما يتنسيش، هو محاولة منه لتطييب جرح ووجع على أنه ما اتمتعش بالحياة كما يجب، جه الدنيا بأحلام كتير، وخرج منها بدون ما يحقق كل اللي اتمناه، الأنسان مخلوق معجون بالعَشَمْ. ويحزّ في نفسه أنّه يجي الدنيا يعيش عمر - مهما طال - هو «رَبْشَةْ» في عمر الزمن، وبعدها يتنسي.
السعي للخلود، سواء بترسيخ ذكرى طيبة أو ترك علامات مادية تدل على أنه كان موجود، هى محاولات بائسة لتطييب خاطره على عمره اللي ملحقش يعيشه كما تمنى، فبيتعشم أن الندبة دي تتداوى بذكراه بعد ما يموت، وأن لا يكتمل الغياب.
الإنسان شايف أن الذكرى تكريم ليه وعوض عن حياته المفقودة.
لكن هيهات، الكل هيصبح نسيًا منسيا.
هيّ كده الدنيا، خلق ناسية ومانسيين.

قراءة ـ أحمد الرومي

برواز

[برواز][bigposts]