شباك

[شباك][twocolumns]

كيف تغيّرت لغة السماء؟


"إنذار، ممنوع التبول نهائيًا" كانت تلك الجملة أول ما جذبت انتباهي واستدرجتني إلى هذه الحارة لألتقط الصورة التي ترونها.
كان هدفي في البداية توثيق المفارقة، فاللافتة تشير إلى تكرار فعل "التبول" على جدار هذا المدفن، دون الإنتباه لأي اعتبارات تراعي حرمة الموتى. لكني تنبهت لوجود ضريح أثري على بُعد أمتار قليلة من هذه اللافتة. سألت صحاب إحد المحال هناك عن مَن صاحب هذا الضريح، قال لي: "ماعرفش، بس بيقولوا إنه مدفن الخادم الخصوصي لمحمد علي باشا". لا أعرف مدى صدقية هذه الروية.
على الكمبيوتر اتضحت معالم الصورة التي التقطها بكاميرا الهاتف المحمول، إذ استطعت أن أقرب من تفاصيلها أكثر لأكتشف مزيدًا من المفارقات. أبرزها كان تغيّر الخطاب البشري في "لغة السماء".
فوق سور "الحوش" ـ المكتوب على جداره العبارة التي تنذر "المتبولين" ـ يوجد طبق صغير لإلتقاط إشارات تليفزيونية، طبق يخاطب الفضاء، يستقبل منه رسائل وإشارات غير مرأيّة. بجواره مباشرة توجد قبّة الضريح المجهول، تستنفر لأعلى، كما لو أنها تستقبل هي أيضا إشارات من السماء، ليست فضائية بالطبع، ولكن إشارات روحانية كما تقرأها الروح. بين طبق "الدّش" وقبة الضريح عشرات السنين، تغيّرت خلالها لغة البشر في مخاطبة السماء.
لغة الإشارة الإليكترونية بحداثتها وتقدمها، يعبر عنها هيئة السور المثبته فوقه، حيث لون الجدار المنافي للذوق والجمال، وفعل الإنسان تجاهه بشيء من الاستهانة المتمثل في "التبول" عليه. بجواره قبة الضريح الأثري بتفاصليها العامرة بالجمال والجلال والهيبة، ووثوب القبّة لأعلى، وكأنها تريد الإنطلاق نحو السموات المفتوحة.
شتان بين ذوق وذوق، ولغة ولغة.

فوتوغرافيا وتعليق ـ أحمد الرومي

برواز

[برواز][bigposts]