شباك

[شباك][twocolumns]

حوار مع «الموت»: مهذب كالإنجليز.. أخدم الأحباء.. يستدعيني الأشقياء.. وإلى اللقاء

يمثل «إيريبوس» في الأساطير الإغريقية، ظلام العالم السفلي الواقع إلى جوار هاديس «عالم الأموات» لذلك قالوا: «إذا وقف على رأس فراش المريض يموت». بينما تعتبره الحضارة الفرعونية مرحلة انتقالية. يستعدون من خلالها للعالم الآخر وعبور النهر. تُرى كيف يكون الحوار مع «الموت» ماذا يشقيه وماذا يبهجه. وهل يمكن أن يشتكي الموت من شئ. وما هو العصر الذهبي له. أسئلة يجيب عنها «إيريبوس» بصراحة شديدة في متن هذا الحوار.
حاورته ـ ساندي أشرف
في البداية، «إيريبوس» يجب أن نعبر عن امتناننا لموافقتك على الحديث معنا.
- إن كلمة «امتنان» لمقابلتي تبدو غريبة بعض الشيء، فأنا لم أر شخصًا ممتنًا لمقابلتي غير بعض الشيوخ أو الزاهدين في الحياة. فالبعض يهرب من نطق اسمي كأنّ لفظة «موت» تعني حضوري في الحال!
حدثنا قليلًا عن صورتك التي تظهر بها، سواء في الأفلام أو بشكل «المنجل» الشهير.
- هى ضرب من الخيال! أراك مندهشًا يا سيدي. تلك هي الحقيقة. لست بتلك الصورة المرعبة. في الواقع إنني أحمل طابع الإنجليز في التهذيب، آتي وأرحل في صمت. أسمعك تقول إنني أحمل معي الحزن. كلا إنني آتي وأرحل في سلام، ولكن بني آدم هم من يجعلون الأمور عسيرة.
إذن ما هى صورتك الحقيقية؟
- ليست محددة. فبإمكانك أن تراني امرأة دميمة، مثل معلمة اللغة العربية التي كانت تحمل معها تلك العصا. بإمكانك أن تراني ذلك الطفل الصغير الذي يقف في هدوء وينظر لك بعين ثاقبة تبث الرعب في نفسك. أو تلك المرأة الجميلة حسنة الوجه، التي تأخذك إلى الجانب الآخر من النهر (كما يقول الإنجليز).
بإمكانك أن تراني في أبشع صورة ممكنة وتتجنب النظر، وبإمكانك أن تشعر بأنني صديقك وتنتظرني. في كل الحالات سآتي إليك يا صديقي.
أحيانًا أشعر في حديثك بالرعب والخوف، وفي أحيان أخرى أشعر أنك ضحية. فمن أنت على وجه التحديد؟
- أنا جميعهم، أنا الموت الأسود الذي أباد ثلث قارة أوروبا في القرن الرابع عشر. أنا القنبلة التي أبادت هيروشيما وناجازاكي. كنت هناك في الحرب العالمية الأولى والثانية. وتلك هي العصور الذهبية لي. لكنني ـ في نفس الوقت رحيم ـ بعضهم يتمنى قدومي لراحة أحبائهم. أعترف أنني معظم الوقت أترك العيون دامعة، ولكن لا تكن قاسيًا يا صديقي. لم أكن أنا السبب في كل هذا.
هل لي أن أسأل كيف تتنصل من المسئولية؟ لا أظن أنّ أحدًا يُحضرك بنفسه!
- بل في معظم الأوقات يا صديقي يتم إحضاري بالإجبار، وأعترف أنّ ذلك يُدهشني. فكيف يمكن لأحد أن يجلبني مهما بلغ به الشر أو العداوة. في بعض «الإرساليات» أنجز «العمل» سريعًا لأنني لا أحتمل العذاب، وأنتم أيها البشر تتفنون في بعضها. على سبيل المثال، الأباطرة الرومان وطرق تعذيبهم الشنيعة، الإبادات الجماعية عبر القرون، الحروب وتوابعها. كل هذا كان السبب في دعوتي ولم يكن بيدي شيء.
لقد اختلط عليَّ الأمر. هل أنت حزين لتلك الفترات أم سعيد بقدومها؟ باعتبارها العصر الذهبي لك كما قلت
- أحب أن آتي في موعدي المحدد، لا قبل ذلك ولا بعده. فلا أحد يُحب أن يشعر بثقل قدومه أو بتأخيره.
لا يمكنني التعاطف معك في تلك المشكلة. ففي النهاية سنأتي إليك أجلًا أم عاجلًا.
- بل بالأحرى أنا من يأتي إليكم. أعلم أنّ التعاطف معي أمرًا صعبًا ولا أطلبه. لكن إن كان ليَّ حق الطلب؛ فسأطلب منكم النسيان وإهمال واجب الحذر. فكّر معي. إن نسيت دواءك وأهملته فسوف أراك سريعًا. إن قُدّتَ سيارتك سريعًا ونسيت واجب الحذر سألقاك سريعًا. بهذا أسعد.
وفي النهاية «أراكم في الجانب الآخر»!

نشر الحوار في مجلة «زودياك»، وهي مشروع تخرج طلاب شعبة الصحافة، قسم علوم الإتصال والإعلام. بكلية الآداب جامعة عين شمس

برواز

[برواز][bigposts]