شباك

[شباك][twocolumns]

«شارع نوبار» أول رواية وثائقية للمؤرخ شريف عارف.. | ريفيو موّسع

الكاتب شريف عارف وفي الإطار غلاف روايته الأولى 

طريق جديد يسلكه الكاتب الصحفي والمؤرخ شريف عارف بإصداره أول عمل روائي له عن دار بتانة للنشر والتوزيع، ليطرح في معرض القاهرة الدولي للكتاب حاليًا، بعد نشره العديد من الكتب التاريخية التي توثّق مراحل سياسية مختلفة من عمر مصر الحديثة، لتكون رواية «شارع نوبار» أول خطواته في الإنتاج الأدبي.

تدور أحداث رواية «شارع نوبار» في القرن العشرين، حول التنظيم السري لثورة 1919، وتتناول الصراعات المجتمعية والسياسية المختلفة والسائدة في تلك الفترة.

وشريف عارف صحفي مشغول طوال الوقت بفكرة التوثيق (لما حدث وما يحدث في الوطن) يحركه دافع قوي يقول عنه «عارف»: «إنّ التاريخ؛ يكتبه المنتصرون، ويزيّفه الخونة، ويشوهه المارقون، وأصحاب المصالح!» لذا «عارف» يندفع بكليته لحفظ هذا التاريخ من التحريف ليصل إلي القارىء دون تشوية أو زيف.

الرواية (التي تقع في ٥٥٠ صفحة بكتاب من القطع المتوسط) أهداها «عارف» إلى: «صناع المقاومة في كل زمان، وإلى الأرض، التي تتجدد حيويتها، والحب الذي لا ينتهي» وأخيرًا «إلى مصر الحرة».

في مقدمة الرواية يحكي «عارف» كيف خرجت إلي النور قائلًا: «قبل أربعة أعوام، أهديت دكتور محمد المخزنجى كتابي الوثائقي «الإخوان في ملفات البوليس السياسي»، وفي لقاء آخر معه، فوجئت به ينصحني أن أتجه إلى كتابة الرواية التاريخية، أو ما يعرفه البعض بالأدب «الوثائقي»، شكرته على مجاملته، وبقيت النصيحة حائرة، وحيرتني معها!»

يضيف «عارف»: «بعد عامين، جاءتني مقدمات الفكرة، لتقتحم حياتي... وتحول الاقتحام إلى مطاردة بإلحاح، لم أستطع الإفلات منها، بعد عدة محاولات، وأخيرًا استسلمت إليها، بلا مقاومة، وبدأت في جمع المعلومات، ثم الكتابة!»


الكاتب شريف عارف وأغلفة مؤلفاته

المؤرخ الروائي شريف عارف له العديد من المؤلفات منها «26 يناير.. حريق القاهرة.. مدبرون ومنفذون» و«مقاتلون وجواسيس» و«الثورة الأم» و«بن لادن.. رجل في مواجهة العالم» ويوميات على خط النار» و«سنوات في البلاط الملكي» و«عن العشق والثورة» وأخيرًا «الإخوان في ملفات البوليس السياسي». 

وينشر موقع «روميكا.أورج» في السطور التالية مقتطف من الفصل الأول من رواية «شارع نوبار». 

 

***

(1)

أشوفك بخير يا «باشا»!

(صحيح أنني اختلفت معه، وصحيح أنه كان للرجل أخطاء، ومن ذا الذي لا يخطئ، وصحيح أنه كانت فيه عيوب، ولكنها كما يقول الفرنسيون العيوب، التي تلازم الصفات الكبيرة).

«إسماعيل صدقي في مذكراته، متحدثًا عن سعد زغلول»

(القاهرة في الأربعاء 24 أغسطس 1927)

 حركة غير معتادة بحي الإنشاء، في مثل هذا التوقيت من الصباح.

صوت صراخ يدوي في أرجاء الحي، الذي يسكنه الوزراء، وكبار الموظفين.

يشق «غزال»، بائع الصحف، شارع الدواوين «نوبار»، ومنه إلى قلب السيدة زينب: «الباشا مات، اللي ما يعرفش يعرف، زعيم الأمة مات.. اقرأ الأهرام، المقطم.. جنازة سعد باشا، اقرأ يا أفندي،… اقرأ يا أستاذ».

فقد «غزال» السيطرة على الصحف، تساقط بعضها، بينما تلقف المارة البعض الآخر، الذي تناثر وطار!!

مانشيت صحيفة الأهرام، الصادرة في الصباح: «سعد»، الزعيم والزعامة والوطنية المصرية!

الكل في حالة ذهول وحزن عميق.

الليل كان طويلًا وقاسيًا، والنهار لا أمل!

مات الزعيم، وتحولت مصر إلى مشهد جنائزي!

«صادق أبو رحاب» أحد القيادات الحزبية الوسطى البارزة في لجنة الوفد العامة بالعاصمة، ووكيل مدرسة الخديو إسماعيل الكائنة بشارع نوبار بالقاهرة، كان على علم بالنبأ، منذ ساعات، منذ التاسعة وخمسين دقيقة من مساء الثلاثاء؛ حيث أسلم زعيم الأمة روحه على فراشه ببيت الأمة. قضى «صادق» ليلة «سوداء»، فلأول مرة عاجزًا عن التفكير والحراك، وهو المكلف من لجنة الوفد العامة بالقاهرة بقيادة العمل الجماهيرى داخل السيدة زينب.

«غزال» بائع الصحف، يحبس دموعه، وهو ينظر إليه، بينما عينا «صادق» لا تفارقان مانشيت الأهرام، «زعيم الأمة سعد مات».

وكيل الشعب المصري وزعيم الأمة المصرية و«نائب السيدة»، صارع الموت على فراشه في «بيت الأمة»، بعد أسبوع كامل من المعاناة هو الأعنف، خلال فترة مرضه العضال.

ظل صادق متعلقًا بالأمل، متجاهلًا ما حوله، رافضًا أيّ عرض آخر، حتى لو كان هذا العرض هو الواقع نفسه!

بين دموع الواقفين ونحيبهم، على ناصية حارة جريدة السياسة، انكب «صادق» على الصحيفة يمزق أوراقها بعنف، خرج عن شعوره، وتعامل بهيسترية. يريد أن يقتل الفكرة، التى تحولت بالفعل إلى واقع من حوله، فكرة «موت الزعيم»، ينظر إليه «غزال» بنظرة عطف، وهو يغالب دموعه؛ فالكل يعلم أنه من المقربين لدى الزعيم، رجُله الأول في «السيدة زينب».

«الزعماء لا يموتون.. يا ناس!»

كبير الفلاحين مات، الأسد العجوز، عاهل مصر غير المتوج، حبيب المصريين!

برواز

[برواز][bigposts]